هكذا يموتُ الشاعرُ
يموت الشاعر
إذا قال: هذا قلبي
وقالت الحياة: هذه قبضة يدي.
يموت الشاعر
إذا قال: هذا قلبي
وقالت الحياة: هذه قبضة يدي.
يموتُ الشاعرُ إذا لعبتْ به امرأةٌ قادرةٌ، أخذته من شرايينه، ودفعته بعشرة أصابع إلى منحدرٍ وهاويةٍ. إذا ضحك معها، فضحكتْ عليه، وقالتْ: “يالسذاجته”، فإذا أدار ظهره روته بما استطاعت من الشوك والسهام. إذا أغمضت روحها عن روح قلقه، إذا خاطبته بالحياد، ونزلتْ به إلى هجرٍ وعتابٍ، ألقتْ دمه على شجرٍ يبكي حسرة العاشقِ، ويلعنُّ غضبة العناد.
يموتُ الشاعرُ في رشفة القهوة، يتذكرُ حقول البن في القارات الخمس، وقاطفات المحاصيل الجائعات. يتذكرُّ الشمس الواحدة على ملايين الرؤوس، والأعراس المؤجلة إلى حين تأتي الأرض بخيرها. يتذكرُ حاملات السلال، العربات الصدئة، طائرات النقل، وبيزنس التعبئة والبيع، يتحسس كثافة البن على شفتيه، البن الذي عبر إليه آلاف الأميال، فإذا ذاب تحت لسانه، تساءل في شروده: أي بشرٍ هؤلاء الذين جاءوا بطعم القهوة إلى لسانه؟
يموتُ الشاعرُ إذا خلتْ الأشياءُ والأماكنُ من دهشة التفاصيل، إذا تسيد الحياد، وغاب العميق المغلق، وإذا نظر في الوجوه فلم ير غير صورٍ بلا ظلال. إذا تكرر المكرر، وحضرتْ التفاهة سوداء كالقبر.
يموتُ الشاعرُ
حين لا تستعطفه الأماكن
بجرحٍ قديمٍ
حين يعبرها
بحرفٍ جحيمٍ
أو ذكرى لم يعد لها
غير اسمه
يموتُ الشاعرُ
وهو يهذي
كما القطط الجائعةُ:
سبع أرواح لا تكفي
لأنام مبكراً
حين لا تستعطفه الأماكن
بجرحٍ قديمٍ
حين يعبرها
بحرفٍ جحيمٍ
أو ذكرى لم يعد لها
غير اسمه
يموتُ الشاعرُ
وهو يهذي
كما القطط الجائعةُ:
سبع أرواح لا تكفي
لأنام مبكراً
يموتُ الشاعرُ إذا احتاج رائحة أمه، إذا فتش فلم يجد غير روائح قتلةٍ، روائح من أخذوه في كل واردةٍ وشاردةٍ، وتركوا جلده أرضاً خراباً، أرضاً تزحفُ خلف ترابها الأول، طيبتها الغارقةُ، حصادها الملقى في البئر، فإذا نشد غايته، إذا نظر في يديه باحثاً عن أمٍ ورائحةٍ، سخرتْ مئات الأرواح في يديه.
يموتُ الشاعرُ أول اللعبة، في البدء، لأنه بمعجزةٍ مدربٌ على الخسران، لأنه سليلُ حالاتٍ خاسرة، وجهله باللعبة الماكرة طفولةُ روحٍ، فإذا لاعبته امرأةٌ جاءت خسارته.. وابتسم، وإذا لاعبه الأصدقاء، حلت خسارته.. وابتسم، وإذا لاعبه الغرباءُ، قال:”وما الغريبُ”.. وابتسم، ذلك أن الابتسام غطاء مرارة وحزن، والحياة لعبةٌ، وخسارتها أول القصيدة.
يموتُ الشاعرُ.. ليكتبَ.
يعضُّ على أصابعه ندماً ..ليكتبَ.
يأكل جوعه.. ليكتبَ.
يتحسر على أزمنة كاذبةٍ.. ليكتبَ.
يعاتبُ الموتى لأنهم سبقوه إلى الراحة والنعم.. ويكتبُ.
يعضُّ على أصابعه ندماً ..ليكتبَ.
يأكل جوعه.. ليكتبَ.
يتحسر على أزمنة كاذبةٍ.. ليكتبَ.
يعاتبُ الموتى لأنهم سبقوه إلى الراحة والنعم.. ويكتبُ.