هذيان رجل وحيد

كلما قتلتني امرأة غيّرت صورة سطح المكتب
لأنني عادة ما أضع صورتها كخلفية ثابتة
دفعاً للوحدة والملل
كلما قتلتني امرأة حذفتُ ملفات الأغاني العاطفية
وبحثت في مواقع التعارف والزواج
عن امرأةٍ وحيدةٍ ومتواضعةٍ
تقبل أن تنام دون أن أعدها
بالثراء والنعم
دون أن تسألني عن المناسبات العائلية
وضرورة الانتقال إلى منزل جديد
والحصول على سيارة ذات دفع رباعي

كل امرأةٍ دخلت بيتي
أرادت أن تغيّر فيه شيئاً
واحدةٌ أجبرتني على شراءِ سجادة
لم أحب لونها
وأخرى اقترحت هاتفاً لاسلكياً
حتى تتحدث مع أمها
في كل زاوية من البيت
والثالثة قاطعتني ليلة بطولها
لأنني أصر على مشاهدة(الجزيرةالوثائقية)
كل امرأةٍ عرفتها سألتني بغيظ عن نساء (مودلياني) و(دالي)
النساء المعلقات على الجدار
ليس لأنهن جميلات فحسب
بل لأنني أعتني بهن بشغف
في مهمة يومية لرجل ناضج
كل امرأةٍ عرفتها لم تراقب انكسار الضوء على كتاب(مسخ الكائنات)
وكيف يبدو الغلاف في منتصف الليل كبوابةٍ للأشباح
لم تسألني واحدة منهن عن المؤلف والمترجم وجهة الإصدار
ولماذا اقرأة بشغف قبل النوم لأتمتع بحصة وفيرة من الكوابيس
كلما أحببتُ امرأةً وضعتُ صورتها على سطح المكتب
وبقدرٍ كبير من المتعةِ
أحرصُ كل صباحٍ على أن أضبط درجة اللون
ولهذا أتقنت أسرار (الفوتوشوب)
لأغير زاوية المشهد
وأضيف تعليقاً مناسباً لما يحدث مستقبلاً
كل امرأة عرفتها لم أعرفها بما يكفي إلا متأخراً
كأن أكتشف أنها لم تقرأ (ماركيز)
وكيف جلس (كويلهو) على ضفة نهر (بييدار).. وبكى
كأن أكتشف أن لون عينيها يُباع بنشرة داخلية
عن طرق التنظيف والعناية
كل امرأةٍ عرفتها ذكرتْ شيئاً عن جنوني
كأن تقول – مثلاً – إنني كلما قرأتُ (رامبو) ضربتُ رأسي في الحائط
وإنني أخصص ساعتين في الأسبوع لألعب بالقطارات الصغيرة
دون أن أقدم تفسيراً مقبولاً
لهذه الطفولة المتأخرة.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Default thumbnail
المقالة السابقة

ضمير الغائب (إلى وليد قدورة)

Default thumbnail
المقالة التالية

رسالة.. هل ضلت طريقها؟

اخر المقالات من سيرة الحنين والفوضى

THE VOICE OF ENIGMA

بالأمس قررت أن أكون وحيداً مع صوت “إنيجما”، قررت أن أكون مخلصاً لها لمرة واحدة، وفي