خذوا حذركم عند كل ناصية وباب
ادخلوا بيوتكم على أطراف أصابعكم
ولا تمشوا الطرقات ذاتها
علِّقوا عيونكم بالأسقف الباردة
ولا تكونوا فضوليين كالذباب
انتبهوا..
البسوا الأقنعة،
تحصنوا بالخوذات والقمصان الواقية
وأغلقوا الأبواب على أطفالكم الأبرياء
سدوا آذانهم بالقطن والكلينكس
لأن الليلة لن تمر بخير
لأن الليلة سأبكي كقتيل مهجور بلا رأس
لأن صوتي سيكون جارحاً
وبكائي متبوعاً بالبرق والأعاصير
انتبهوا
اسحبوا أرصدتكم من البنوك،
ودفاتر التوفير
ادفنوا ثرواتكم تحت الرخام والأرضيات
واعرضوا أسهمكم العقارية الرابحة.. للبيع
لأن الليلة سيهبط مؤشر الفرح
وتنهار أحلام الزوجات في السفر والوجاهة
لأن الليلة لن تمر بخير
لأنها ليلتي العظيمة.. والأخيرة
سأتخلص فيها من الحدس..
والسذاجة.. والمحبة الجارحة
وسأبكي..
سأطلب الماء.. بعد الماء.. بعد الماء
لأن أصدقائي يجهزون التابوت فرحين
ويعطرون القبر برائحة ديور.. وجيفينشي
آه.. كم أحبهم هؤلاء الأوفياء..
هؤلاء الأوفياء في الحب.. والجريمة
لم يحرموني من الرائحة التي أحبها
لم يحرموني من أريج الصندل والتوابل
وخليط الزهور البرية..
آه.. كم أحبهم هؤلاء البؤساء
لأن المرايا المعلّقة في حمامات بيوتهم
لا تعكس سوى الوجه والرقبة
لا تعكس سوى العيون الضيقة
العيون التي لا ترى سوى الوجه والرقبة
انتبهوا..
خذوا حذركم جيداً هذه الليلة
خزّنوا الماء والقهوة والتبغ،
والأدوية المهدئة،
ولا تخرجوا فرادى في الطرقات البعيدة
لأنني سأبكي كمن مات أبواه..
دون أن يشتريا له الحقيبة والحذاء
دون أن يوصياه بألا يخاف العفاريت
والعقارب العمياء..
وألا يشكو لغير الله..
وألا يبكي وحيداً كالنساء.