(1)
مطر خفيف على زجاج الأصابع.
هي عشر جنازات في يمينه ويسراه، عشر جنازات يصافح بها الناس، يفتح بها باب البيت والمصعد، ويضغط بأطرافها على الهاتف والريموت، فلماذا عليه أن يحمل عشر جنازات بعد المرأة الهاربة؟ أليس لديه ذرة من عقل ليدخل أقرب عيادة، ويقول: أيها الجراح خذ أصابعي العشرة، لأنها كانت بيتاً لأصابع امرأة هجرت يدي، فما حاجتي لأصابع عشرة بعدها؟.
هي عشر جنازات في يمينه ويسراه، عشر جنازات يصافح بها الناس، يفتح بها باب البيت والمصعد، ويضغط بأطرافها على الهاتف والريموت، فلماذا عليه أن يحمل عشر جنازات بعد المرأة الهاربة؟ أليس لديه ذرة من عقل ليدخل أقرب عيادة، ويقول: أيها الجراح خذ أصابعي العشرة، لأنها كانت بيتاً لأصابع امرأة هجرت يدي، فما حاجتي لأصابع عشرة بعدها؟.
(2)
مطر خفيف على زجاج القلب.
رعشة يدين، ولهفة أصابع عشر لها ذاكرة وعتاب. كيف لقطرة واحدة من غيمة بعيدة أن تغسل الروح، وتعيد صفاء الضحك أمام فيلم لا يدرى نجومه مأساة مشاهد وحيد، مشاهد أكلته أفواه ثعابين ملونة، ولم تترك في جسده غير ذاكرة وجع لأجل عقاب أبدي؟.
رعشة يدين، ولهفة أصابع عشر لها ذاكرة وعتاب. كيف لقطرة واحدة من غيمة بعيدة أن تغسل الروح، وتعيد صفاء الضحك أمام فيلم لا يدرى نجومه مأساة مشاهد وحيد، مشاهد أكلته أفواه ثعابين ملونة، ولم تترك في جسده غير ذاكرة وجع لأجل عقاب أبدي؟.
(3)
مطر خفيف على زجاج الروح.
من يغسل التراب غير رقة الماء؟ من يطوي صفحة كتاب حسرةٍ غير طرف إصبع يبكي خلف ما فاته؟ هل يجدر بالمتعب أن يمدد قطرة المطر الواحدة لتصير بحاراً حتى يضرب الموج كثافة الفقد، فيذهب الألم، وتنجلي المرارة عن فرح ولو قليلاً؟. ليس المطر الخفيف غير إشارة، وفقيرة هي قطرة الماء أمام جبال التراب في الروح.
مطر خفيف على زجاج الروح.
من يغسل التراب غير رقة الماء؟ من يطوي صفحة كتاب حسرةٍ غير طرف إصبع يبكي خلف ما فاته؟ هل يجدر بالمتعب أن يمدد قطرة المطر الواحدة لتصير بحاراً حتى يضرب الموج كثافة الفقد، فيذهب الألم، وتنجلي المرارة عن فرح ولو قليلاً؟. ليس المطر الخفيف غير إشارة، وفقيرة هي قطرة الماء أمام جبال التراب في الروح.
(4)
مطر خفيف على زجاج الفم.
وهل الفم سوى شفتين لهما ذاكرة من رائحة وطعم؟ أي مطر خفيف هذا الذي يهد جبالاً من الحنين؟ أي مطرٍ، بل أي قطرةٍ هذه التي تستعيد النعم والعطايا، وترد البهجة القديمة؟ يكاد الذي يلمس شفتيه باكياً أن يقول: شفتاي طفلتان بلا حنان، شفتاي جائعتان، وسلة الخبز معلقة في رقبة امرأة نافرة.
وهل الفم سوى شفتين لهما ذاكرة من رائحة وطعم؟ أي مطر خفيف هذا الذي يهد جبالاً من الحنين؟ أي مطرٍ، بل أي قطرةٍ هذه التي تستعيد النعم والعطايا، وترد البهجة القديمة؟ يكاد الذي يلمس شفتيه باكياً أن يقول: شفتاي طفلتان بلا حنان، شفتاي جائعتان، وسلة الخبز معلقة في رقبة امرأة نافرة.
(5)
مطر خفيف على زجاج القدمين.
آهٍ لو أن القدمين حافيتان، بلا حذاء أو جوارب. آهٍ لو أن القدمين تتحدثان، لأنني أسمع لهما صوتاً في القلب، أسمع لهما بكاء سرياً خلف شوارع ومقاهٍ تموت بإذن امرأة غاضبة. قدما الذي ينادي الأماكن بأغنيةٍ، تجران عاصفة، وتتبعان قطاراً يصرخ على محطةٍ واحدةٍ. قدمان تبكيان من غيمة عينيه.
آهٍ لو أن القدمين حافيتان، بلا حذاء أو جوارب. آهٍ لو أن القدمين تتحدثان، لأنني أسمع لهما صوتاً في القلب، أسمع لهما بكاء سرياً خلف شوارع ومقاهٍ تموت بإذن امرأة غاضبة. قدما الذي ينادي الأماكن بأغنيةٍ، تجران عاصفة، وتتبعان قطاراً يصرخ على محطةٍ واحدةٍ. قدمان تبكيان من غيمة عينيه.
(6)
مطر خفيف على زجاج العينين.
لكن كيف لعاشق تضيق عيناه في الحزن أن يرى سعة المرأة؟. عيناه ليستا عينا صقر أو حرباء ليرى من خلفه وأمامه، وغضب المرأة أفق وأبعاد. قال سأوزع قطرة المطر الخفيف الواحدة على عينين ظامئتين. كان يقصد الحكمة، راغبٌ في التماس الحقيقة، في دخول كهف الطمأنينة لينام، لكن النوم يفرُّ، والسريرُ غابةُ شوك، والمطر على زجاج الجسد أعاد إلى عينيه امرأة حزنها جنازة، وفقدها لا يرده بكاء الغيم الخفيف.
مطر خفيف على زجاج العينين.
لكن كيف لعاشق تضيق عيناه في الحزن أن يرى سعة المرأة؟. عيناه ليستا عينا صقر أو حرباء ليرى من خلفه وأمامه، وغضب المرأة أفق وأبعاد. قال سأوزع قطرة المطر الخفيف الواحدة على عينين ظامئتين. كان يقصد الحكمة، راغبٌ في التماس الحقيقة، في دخول كهف الطمأنينة لينام، لكن النوم يفرُّ، والسريرُ غابةُ شوك، والمطر على زجاج الجسد أعاد إلى عينيه امرأة حزنها جنازة، وفقدها لا يرده بكاء الغيم الخفيف.