وقفةُ الملاكِ على رمل الأبيض المتوسط. ابتسامتها على أريكة تواجه الزجاج المسكون بالغبشِ والرطوبةِ. نعاسٌ طفولي في قطارٍ عائدٍ من الجنوب. وجهها المستدير أمام موقد النار في قريةٍ ودعتها بأغنية عن الفرح بالبشر الطيبين. وصاياها المباركة النوم قبل احتراق الدمِ والوقتِ. اليقظة أمام ثعابين تمشي على قدمين. هجرة التعب الذي لا جدوى منه. امتلاك ما يغني عن الحاجة والسؤال والطمأنينة في الصلاة، والدعاء والتطهر من غبار الطرقات التي قطعتها يأساً.. وعبثاً .
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها: الكتب التي أيقظتْ روحها على المعرفةِ والقلقِ، “النص.. السلطة الحقيقة”، “إشكاليات القراءة وآليات التأويل..، “دوائر الخوف”، “الاتجاه العقلي”، “مفهوم النص”، “الأسطورة والتراث”، و”هذا الغد العجيب”، عنادها في الحقِ، في الحب، في الاكتفاء بما ملكت يداها، في الفرح بالعابرين إلى الموتِ والشهادة، في اقتفاء أثر الإجابات المستحيلة، وتتبع أحوال الطيبين في القرى والخيام .
خُذْ ما تركتْ لك خلفها: طريقك إلى دمها الذي لا يشبه سوى دمها، الحكمة من محبتها، والفرح من بهجة المساءات التي اكتستْ بالضوء والموسيقى، كرر إهداءك إليها، واجهرْ بالذي تظنكَ لم تجهر به، قُلْ “أحبكِ”، واحبس شياطينكَ التي تجركَ إلى البكاء والنقمة .
خُذْ ما تركتْ لكَ خلفها: اسمها وحدها
وادخلْ قبركَ الذي صنعته بيديكَ.