غابةُ الأنثى

/

 

  
قالت الأفعى لصغارها: رداؤكم النعومة وأنيابكم الموت، لا تثقوا بغير طعم السم، وبدلوا الجلد لأجل أن تتحرروا من رائحة الضحايا، وحين تسمعون عن الحب، اضحكوا حتى تلمع أنيابكم في عين الشمس، لأن الحب تهلكة، ونحن سادة الأحقاد، ليس لنا في الوهم والغفلة.
– قالت العقرب للعتمة: أحبكِّ ايتها العتمة، يا غطائي وستر دبيبي أينما ذهبتْ، يا شاهدة جرائمي، وكاتمة أسراري. امتدي يا عتمة الأرواح، يا عمى البصيرة في كل كائن حي، حتى لا يرقبني أحد سواي، ولا يعرف خطاي غير خطاي، فأنعم بسذاجة ضحاياي.
– قالت العنكبوت الأنثى: يا زوجي، أنتَ أيها العنكبوت المطمئن إلى جواري، اغرق في سذاجتك، اغمض عينيك عن قسوة قلبي، ضع بذرتك في أحشائي، لكن لا تحلم ببيت وعائلة لأن أحشاءك وجبتي هذا المساء.
– قالت القطة لصغارها: أنتم أبناء بطني، زينتي على الأرض، وامتداد سلالتي، لكنني غير ما تعرفون، فتدربوا أن تكونوا طعامي إذا حل الجفاف والقحط، لأن الجوع يسرق من قلبي دم الأمومة.
– قالت النحلة لذكرها: طرِّ لأعلى، اتبعني قدر ما يستطيع جناحاك، سأكون لك عروساً، أعطيك عسل روحي، والموت الذي تشتهي. طرِّ لأعلى، سأعطيك ميتة ما بين السماء والأرض، فتقول جماعة النحل بعدك: هذا عاشقٍ ساذجٍ ظنَّ الحب دفئاً وعاطفة.
– قالت الذئبة للذئب: أنا لا أصلح إلا لك، وأنت ضائعٌ لو أنكرت دمنا، ما بيننا الخبث والقتل، ما بيننا الفرائس الباكية، طزاجة اللحم تحت الأنياب، والخدعة التي تجرُّ البهائم إلى أرضنا. آهٍ يا ذئب روحي، الغابةُ رتابةٌ لو أننا في طيبة الشجر والماء.
– قالت الحرباء لنفسها: يا أنا، يا ألواني التي أرتدي، ثيابي التي أغيرها لأعبر الحياة، لأنجو بجلدي وأبتسم في الخفاء. أنا الحرباء الأنثى، الحيلة سلاحي، لا أطمئن إلى محبةٍ، ومن وجدني على لونٍ واحدٍ وأحبني، نزلتْ في قلبه الحسرة مع كل لونٍ أكون عليه.
– قالت الأخطبوط الأنثى: ما أبهى ما أملك من أذرع، ما أبهى ما أخدع، وما أقتل، وما أسبح به، فلا يعرف أحد أي ذراع هي الطيبة، وأي ذراع هي يد الموت. أنا الأخطبوط الأنثى، أصافحُ بنعومةٍ، وألتفُّ بنعومةٍ، وأحضنُّ كمن يحضنُّ بحبٍ، لكنّ حضني قبرٌ في الماء.
– قالت المرأة للعاشق: أنا الأنثى، أتوحشُ في كل صنفٍ ونوعٍ، ستراني إذا أدرت وجهك صوب كل غابةٍ على الأرض، وفي كل غابة في الروح، ستعرف أنني ابنة السر والعتمة. أنا الأنثى الحيةُ، وأنت الميتُ من غفلةٍ. أخذتك بالحب، وقتلتك بالحب، لأن غاية القاتلة في أي صنفٍ ونوع أن تأكل لحم من تحب.
 

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

Default thumbnail
المقالة السابقة

دعها تمضي

المقالة التالية

غلبه النوم.. فغلبنا السحر

اخر المقالات من الأحزان الكاملة

ميتات الشاعر

   (1) في كل ليلةٍ يقتل الشاعر حبيبته، يجرها من شعرها ويعلقها على الجدار باكية، ثم

مطر خفيف على زجاج

(1) مطر خفيف على زجاج الأصابع.هي عشر جنازات في يمينه ويسراه، عشر جنازات يصافح بها الناس،

دعها تمضي

فِي الغرفةِ التي لَهَا نافذةٌ مِنْ زجاجٍأقفِزُ لكنَّ جَسَدي لا يتبَعُنيأصرُخُ دونَ صوتٍ فمِي حفرةُ ماءٍويدَاي