عربة الوقت والحنين

* ما الذي يخطف القلب ؟
– امرأة تسكن الرأس
* ما الذي يسرق النوم ؟
– امرأة تأخذ العين
* ما الذي يطفيء البدن ؟
– امرأة تحرق الروح

استرح يا صديقي
أغلق النافذة المطلة على قدميك البعيد، أنت ترهن قلبك في لعبة خاسرة، تربط روحك خلف عربة الأمنيات المستحيلة، ها هي العربة تجرك على رمل وحصى الوقت، أنت تؤجل أفراحك بالحياة واقفاً عند ساعة القلب المعطلة عن قصد، من قال إن الوقت لا يدور ؟ من أوهمك بأن أسود الشعر لن يصبح الأبيض بعد حين ؟ من ضحك عليك وقال إن المستحيلة ستحضر كالجنيات مسبوقة بعطرها وتمرها؟


استرح يا صديقي
أغلق الباب الذي تأتيك منه الريح، لا تحسن الظن بمن لا يحسن الوفاء، لا تترك أحدا يلعب برأسك وأنت الذي لاعبت الفقد زمناً من الإنكسارات، قل للحنين الذي يأتيك في الشرود العابر بين ضجيج الناس إنك سيد روحك، وإنك ابن أبيك الذي لم يغلبه إلا الموت، فكيف تغلبك الأشياء في ضياعها، وكيف تهزمك المرآة في أهوائها؟


استرح يا صديقي
ما الذي يسرق النوم من عينيك ؟ من يمنحك الكوابيس في نومك القليل غير سفرك باتجاه قبرك الترابي، كأنك لا ترى دمك الذي لا يجف ؟ لماذا تتبع التفاصيل كشرطي محترف ؟ لماذا تقف على أطلال الأماكن باكياً كطائر يتيم ؟
لماذا تقارن بين زمنين بين حالتين، بين وردتين، وردة لها ووردة ليست لك؟


استرح يا صديقي
أتعبتني
أنا الذي يقاسمك الحنين والجنون بالعدل، كم ليلة تأخذني وراء شعرها المسدل كغطاء أسود من الحرير ؟ كم مرة تصف لي غمازتيها حين تضحك، فأحترق بنارك المتقدة في صوتك ؟ كم امرأة تلزم لتطردها بلا رجعة ؟ أسألك فتقول : لا قبلها ولا بعدها ، كيف أداويك أذن وأنت تبتكر أوجاعك بمهارة ،وأنت تركب عربة الذاكرة مغمض العينين إلا عن أطيافها ؟ تكسرت روحك وروحها كزجاج قديم، والغبار الثقيل يكسو صورتها في المرايا، التفاصيل تهرب كأولئك الخاسرين في القتال، لماذا تحارب طواحين الهواء بسيفك الخشبي، ومدينتك ترفع راياتها البيضاء على الهاتف ؟
أعرفك يا صديقي وأنت واقف بأوجاعك على ضفة الشاطئ خلف الزجاج ما الذي تراه هناك ؟ ما الذي يناديك وراء هذه السحابة الشفافة لدخان التبغ ؟ ماذا يخبئ لك وجه القهوة لترقبه هكذا كما المأخوذ؟

لن يخرج لك من الأشياء سوى حياد الأشياء، لن تعطيك الطرقات أكثر مما أعطتك الجدران.
استرح
لا تترك القلب موراباً حين تنام
الحنين يكبر أسفل الضوء

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

المقالة السابقة

يشتهي أن يلاقي اثنتين

المقالة التالية

يشربان الضوء والثالث يرى

اخر المقالات من لا يدخل الليل إلا وحيدا

عفاريت جرجس شكري

لا أحتاج إلى كثير من الجهد لأكتب عن جرجس شكري، كما لا أحتاج إلى استدعاء التوتر

ثمن الخطايا

ثمة محبة تفيض في قلوبنا عادة تجاه ماضينا حتى لو كان كريهاً، نحن نتلهف إلى ما

عم فايز

كان طيباً وهادئاً، لكنني لم أحبه إلا حين كبُرت، وذهبت سذاجة الطفولة، لم يضر أحداً، ولم

أبو الأيتام

ورطني رئيس التحرير يوماً في محبة هذا الرجل. لم أكن أعرفه عن قرب، كنت واحداً ممن

حلم نبيل

وجه أبيض مستدير، لحية صغيرة غريبة على أهل الجبال المغرمين باللحى الطويلة، طيب القلب كطفل أفلت