لابد أنني حزينٌ للغايةِ
لأتحدث بمرارةٍ عن القدرِ
أُعلقُ فوق حبالهِ سفينتي الغارقة
لذلكَ سأنتظرُ حتى تأذن السماء
أجمع حطبي لشتاءٍ طويلٍ
أرتبُّ أحزاني في خزانةِ البيتِ
أُجهزُّ طعامي القليلَ
لئلا يقتلني الجوع
فليس من الحكمةِ في شيءٍ
أن أموتَ بيديها
ليس أمامي سوى الله
قدري أن أهيمَ على وجهي، أُشبه عليها بالليلِ والنهارِ، أُطلقُ كلابي خلفها. هذا منديلها الورقي، رائحتها في يديّ، هداياها التي لا يسعها الوقت
اذهبي أيتها الكلاب إلى كل زاويةٍ وركنٍ، استوقفي النساءَ بأمري، لأنَّ العدلَ قائمٌ، والله ليس مشغولاً بغيرهِ، بين يديه كل باطنٍ يظهرُ، وكل جريمةٍ لا تكونُ كاملةً، وجميلةُ في جزعٍ حتى تبني ما هدمتْ
ليس أمامي سوى الله
لا ألوذ بوجهٍ غير وجهه، فإذا أغواني البكاء لا أبكي أمام أمي، وأبكي بين يديه، وإذا جعتُ من فقرٍ، سألته الستر والغنى، فلا يعرف سواه كيف قرصني الجوعَ والعطشَ، فما من خجلٍ في محبةٍ منزهةٍ عن التشفي، لأنني حين أبصر أرضي متروكةً لغربانها، أدعوه فيهطل مطرٌ كثيرٌ، ولما يقهرني الأصدقاءُ بالعداوةِ، يمسكُ روحي فلا تأكلني الحسرةَ، وإذا رأيتُ لكل رجلٍ امرأةً، طهرني من الحسدِ والغيرةِ، وأنزلَ في قلبي ما كانَ من حبٍ في صوتِ جميلة
ليس أمامي سوى الله
إذا شاء أن يهلكني، فتحَ أبوابَ يأسي وكآبتي، وجعلَ نعمةَ النسيانِ محبوسةً عني، فإذا نطقتُ قلتُ: جميلة، وإذا خاطبني الناسُ على الأرضِ بسوءٍ، غفرتُ لهم لأجلِ جميلة، وإذا مرضتُ فدائي ودوائي جميلة، ذلك أن سمها لا يذهبُ بغيرِ ترياقها، وبلائي العظيمُ بها تجربة، وإذا غضبَ الله على عبدٍ مثلي، علقَ قلبه بمثلها، فلا يطيبُ دونها خبزٌ أو ماءٌ، ولا يرقُّ صوتٌ غيرَ صوتها. في جسدها قداسة، وفي عطرها قداسة، وها أنا ميتٌ لا محالةَ، وما تنفعُ الحيلةُ لو جاءتْ من حكيمٍ، ولا تجدي الوقايةُ بعد المصابِ
ليس أمامي سوى الله
إذا شاءَ أن يتركني، كشفَ لها عن ظهري، وقيد ذراعي بالحب، فإذا استقوتْ به، أكلتني ذئابها في البرية، ورفعت راياتها البيضاء على عظامي. إذا شاء أن يذلني، أنزلها منزلةً أعلى، ورفع قدرها في القسوةِ فوق قدري، فإذا ضربتْ على قلبي، اكتملَ بهاؤها، وإذا سحبتْ فضولها، غادرتني روحي بفضلها، وإذا خاطبتها بالرأفةِ خاطبتني بالجفاءِ، ذلكَ أنَّ العاشقَ المهجور يموتُ بكلمةٍ، وبكلمةٍ تسقطُ عنه النعم
ليس أمامي سوى الله
إذا شاء أن ينقذني، أخرجني من كآبتي إلى الناسِ بفرحٍ، فأقول: أعزني الله بجميلة بعد أن أذلني بجميلة، رفعَ القديرُ أحمالي الثقيلة، وردَّ لي وجاهتي ووجهتي، أعانني على من تخطفوا لحمي. ها أنا أمامه عاشقاً يشكو، بريئاً من تجديفي ويأسي، فلا تظنوا بي الظنون، لا تأخذوني بالشك والريبة، لا تنظروا إلى كلامي دون تأويلٍ ورحمةٍ، لا تسدوا أمامي طرق الإله، ذلكَ أنَّ طرقه لا تحصى، ولا حق لأحدٍ أن يحتكرَ الوسيلةَ إليه، فما مِنْ عاشقٍ مثلي إلا وفي كبدهِ علة، وفي لسانهِ مرارة وظمأ، فإذا تحدثَ تأوه، وإذا صمتَ يبستْ أشجاره، وتعطلتْ روحه. فهل كثيرٌ أن أبكي وأعاتبُّ؟
ليس أمامي سوى الله
فهل كثيرٌ أن أشفقَ على نفسي
حين لا أجد امرأتي حولي؟
ألستُ من لحمٍ ودمٍ؟
أليسَ الحب بمشيئةِ الله
جنة أو جحيماً؟
فإذا كُتبتْ علىّ الخسارةَ
ألا يجوزَ أن أصرخَ
وأتخبطَ في أعقابِ جميلة؟
أي نوع من الحب هذا الذي يوقع بك في براثنه ويشدك نحو الجحيم ويزينه
ذلك النوع من الحب الذي نكتشف مبرر وجودنا فيه.. وحين نخسره يصيبنا هذا العذاب الأبدي.