بالأمس
كنت بحاجة لمقابلة أبي
كنت بحاجة لأسأله
عن الأصوات التي أسمعها
حين أطفئ ضوء الممر
طالما خمنت أنه يناديني من قبره
طالما تخيلته في موته
واقفاً على باب بيتي
طالما ظننت أن إيقاع الخطوات
التي تملأ غرفة النوم
دليل تفانيه الأبدي
في رعاية ابنه البكر
بالأمس تركت النافذة الصغيرة مفتوحة للأشباح والرطوبة وقبلها، نظرت في صورته بعمق شممت رائحته في يدي وتذكرت كيف صفعني لمرة وحيدة حين رآني أبكي كالنساء أمام فيلم الخطايا تذكرت شاربه، وعروق يديه وعينيه المملوءتين بالمهابة والصمت والنخيل الذي زرعه كتعويذة ضد الفقر والضجر بالأمس كنت بحاجة إلى أبي لأقول له أن ينام مطمئناً وألا يشغل باله في الموت بحراسة الأرض والأبقار وبموعد الري والحصاد كنت أريد أن أقول: الطبيب كتب دواء جديداً لأمي ونصحها ألا تنظر في صورة أبي أكثر من ثلاث مرات في اليوم حتى لا تموت بعده بالسكر والضغط يا أبي، هل تراني كيف أنام ؟ كيف اشتريت مقعداً من الجلد وشاشة LCD لأملأ شقتي بالأخبار والدراما هل تراني كيف أسأل الناس أن يصفوا لي زوجة طيبة للوحدة، وأن يخبروني عن نصائح بوذا في مواجهة الحزن والموت؟ رحم الله أبي أحبني أربعين عاماً دون أن يجرؤ على الكلام