كنتُ أقفُ على مقابِرهِم
أسألُ: كيفَ ماتوا مرةً واحدةً؟
وكان الحفّارُ قد جاوَزَ المائة بِعامين
هكذا رأيتُه وهو يتقيأ دماً أسودَ
ولا يجيبُني
كنتُ خائفاً بعد أن عرفتُهم واحداً واحداً
ومطمئناً لأنني لستُ بينَهم
وبعد أن تحسستُ عظامَهم
بكيتُ
لم تكن أحقادُهم معَهم
كانوا طيبينَ إلى حدِّ الأسَى
لكنني بكيتُ بمرارةٍ أكثرَ
وارتعشتُ أمام عظامٍ أعرفُها

أنا هنا إذن
ولذا كان الحفَّارُ يبكي
وكان الدمُ الذي يتقيأُ أسودَ
والمقابرُ التي بحجمِ شقةٍ متوسطةٍ
قطعتُها جرياً فِي ثلاث ساعاتٍ ..
ثلاثَ ساعاتٍ وأنا ألتفت خلفِي هارباً
ولأنني أتقلبُ كثيراً فِي كوابيسي
أيقظتنِي زوجَتي على حافّةِ السريرِ
قبلَ حركةٍ واحدةٍ من السقوطِ .

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

المقالة السابقة

الصوت

المقالة التالية

الشهيدة

اخر المقالات من الوسيلة المتاحة للبهجة

الرمل

كلّما بكَيتُ عرفتُ الحنينَ إلى قَبرِي..، قد يحدثُ فِي الأربعينَ، أن أراكَ أيُّها الموتُ، تعرفُ طريقِي

المرأة

مَنْ يفتحُ البحرَ لعاصفةٍ؟ بعنايتِها، هذه الرسولةُ، آمنتُ بِضَلالِي، ..اطمئنّوا، هيَ، ذاتُها ، بلا رحمةٍ ،

الذئاب

  أعرفُ.. اليسارُ ليسَ جهةَ القلبِ، والروحُ أبعدُ من غيمةٍ. ..هل الأرضُ غيرُ مهيأةٍ لوردة واحدةٍ،

الباب

الخشبُ المقطوعُ من شجرٍ مجهولٍ يبدو ظامئاً لمياهِ نهرٍ بعيدٍ ظامئاً لرائحةِ نّجار ماتَ قبلَ مائتي