أوهام جميلة

كنتُ حين ينكسر الظهر أو يكاد، أقول: جميلة.
حين يطبق الهم والغم على القلب والروح وتضرب الريح جدران الوقت والبيت، وتهتز الصور المخزنة في الصدر، أقول: جميلة. حين أقفز من كوابيسي، أقول: جميلة. حين أطير من بهجة وفرح، أقول: جميلة.
حين أحصي على أصابع اليد الواحدة، ما بقي من الأحبة، أقول: جميلة
وحين تصطف اللغة على أطراف الأصابع وتستعصي الشفافية والحكمة، ويهرب الدم من الكلام، أقول: جميلة.
حين يرتعش الجسد في الخوف والقلق، وتنعق البوم على شجر العمر، وتلفني الغربان باليأس والشؤم، أقول: جميلة.
وحين تزغرد الأخوات والخالات لحظة يعود الذي سرقته الطائرات والقطارات، أقول: جميلة.

وحين أُقلب الكراسات القديمة، وأرى خط اليد الصغيرة يوم كانت في بدء الكتابة والهذيان، فأخجل من سذاجة الحب والحرف، أقول: جميلة..
وحين يسألني العم عن البلاد البعيدة، عن الثروة التي جمعتُ، والسند الذي أميل عليه إذا مسني الضر، وعن المدن والأضواء التي يرقص في قلبها العاشقون، وعن الرسائل التي لم أكتبها، الرسائل التي لم أجد لها ما يليق من صناديق البريد، فأكتمها في الصدر، أقول: جميلة.

حين أبكي، تبكي جميلة
حين أضحك، تضحك جميلة تقول: خُذني،
فأنخطف من الحسرة وعجز الحيلة، وأبحث في الأسباب عن حكمة الأسباب، وأصرخ في الليل، أصرخ أمام نافذة صغيرة تطلُ على البحر، أصرخ مثل قارب نجاة بلا وجهة، وأقول: جميلة.

أكتبُ الناس، فتقول التي أعطيتها لقباً وصفة: اكتبني،
فلا أجد في خزائني غير اسمها، فأقول: جميلة.
أقول لها: الكلامُ عجزٌ، والتشبيهُ عجزٌ، والوصفُ عجزٌ،
فافرحي بصمتي،
وحين يسألك الآخرون عن غايتي،
قولي: جميلة.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

المقالة السابقة

حنان عينيها

المقالة التالية

صباح الخير حبيبي

اخر المقالات من تأويل جميلة

في البدء كانت جميلة

في البدء كانت الكلمة، ربما، لكنني أظن أنه في البدء كانت النظرة، وكانت جميلة، كأن ترى

اعتذار الفراشة

أحط بين يديك يا جميلة، لأعتذر عن حماقة صاحبي، جناحاي معطلان، جناحاي ثقيلان بالذنب حتى ترضين،

صائد التفاصيل

  الجحيم في التفاصيل، ربما.. وأولئك الذين يعيشون بذاكرتهم البصرية قد يكونون في لحظة ما أتعس

ليست مجرد امرأة

– اكتب، قل شيئاً، أي شيء، أكمل روايتك اليتيمة، لا تترك رقبتي هكذا دون جوهرة تليق